الفرق بين العام و السنة
الفرق بين العام و السنة
العام والسنة يطلقان على زمن واحد من حيث عدد الشهور، غير أن العرب تستعمل كلمة «العام» إذا كان عام رخاء في العين والحياة، وتطلقه كذلك في الزمن المستقبل المجهول على سبيل التفاؤل ليكون أيضاً عام رخاء.
وأما السنة فإن العرب كانوا يستعملونها في زمن القحط والمجاعة، بل توسعوا في ذلك حتى سمو القحط سنة، من باب إطلاق المحل وإرادة الحال، وعلى هذا إذا تأملت الحالين اللذين عاشهما نوح – عليه السلام – وهي زمن اللبث في قومه والزمن الآخر وجدت التمييز بلفظ سنة في حال الإنذار مناسباً لذلك المعنى، لأن نوحاً -عليه السلام – لقي من قومه الإيذاء والعناد والصلابة والسخرية، وصادف قلوباً ميتة قاسية لم يؤثر بها وابل الوحي ولم تحي بالإيمان، فكان كالأرض الهامدة الميتة التي أصابتها سنة بسبب انقطاع الغيث، والمدة التي لبثها في قومه تسعمائة وخمسون سنة، وأما الخمسون عاماً فلم تكن كذلك فقد عاشها نوح – عليه السلام – مع قومه المؤمنين بعد هلاك الكافرين، ويمكن أن تكون هذه الخمسون قبل الإنذار أو بعضها قبله وبعضها بعده.
العام يطلق على والرّخاء أمّا السَّنَةُ فتطلق على الشدة والكرب والضيق، ومن ذلك قَوْلُهُ الله تَعَالَى: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا» سورة العنكبوت، الآية 14.
فمدة دعوة نوح عليه السلام كانت مشقة وشدةً، لعناد قومه وسخريتهم واستهزائهم بنوح عليه السلام، وما استراح إلا بعد أن طهر الله تعالى الأرض من رجزهم.
و قال الله تعالى: «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ». (سورة يوسف – 47: 49).