اراك عصي الدمع شيمتك الصبر
اراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهي عليك و لا أمر
بلى, أنا مشتاق, و عِندي لــوعـة
و لكن مثلي لا يذاع له ســـــر!
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى
و أذللت دمعا مِن خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي
إذا هي اذكتها الصبابة و الفكر
معللتي بالوصل, و الموت دونه,
إذا مت ظماّّّّّّّّّنا فلا نزل القــطر
حفظتُ و ضيعت المودة بيـنـنــا
و أحسن مِن بعض الوفاء لك العذرُ
و حاربت قومي فِي هواك, و أنهم
و إياي, لولا حبكِ الماء و الخمر
وفيتُ, و فِي بعض الوفاء مذلّـةَ
لإنسانة فِي الحيّ شيمتها الغدرُ
تسائلني: أنت؟ و هِيَ عليمة
و هل بفتى مثلي على حاله نُكر؟
فقلتُ كما شاءت و شاء لها الهوى:
قتِيلك!! قالت أيهم؟ فهُم كثرُ
فقالت: لقد أذرى بك الدهر بعدنا
فقلتُ: ماعاذ الله انتِ لا الدهر
فلا تنكريني : يابنة الـعـم, انـــه
ليعرِفُ من انكرتهِ البدو و الحضرُ
و لا تنكيريني , إنّي غـيرُ مُـنكـرٍ
إذا ذلّت الأقدام, و استُترِل النّصرُ
و انــي لـجـرارٌ لـــكــل كـتـيـبـةٍ
معوّدةِ أن لا يُخِلَّ بها النّصر
و إني لــنــزّالٌ بـكـلِ مــخـوفـةٍ
كثيرٍ إلى نزّالها النظر الشزرُ
فأظمأ حتى ترتوي البيض و القنا
و أسبغُ حتى يشبَعَ الذئبُ و النّسرُ
أُسرتُ و ما صحبي بعزَّلِ لدى الوغى
و لا فرسي مهرٌ و لا ربّهُ غمرُ
و لكن إذا حمَّ القضاءُ على امرئ
فليس له برٌ يقيهِ, و لا بحرُ
و قال أُصيحابي: الفرارُ أو الردى؟
فقلتُ: هما أمران, أحلاهُما مرُّ
و لمنّني أمضي لما لا يُعيبني,
و حسبكَ مِن أمرين خيرُهما الأسرُ
يَمنُونَ أن خلــّو ثيابي, و إنما
عليَّ ثيابٌ, مِن دمائِهمُ حمرُ
سيذكرُني قومي إذا جدُ جــدّهـم,
و فِي الليلةِ الظلماءِ يُفتَقدُ البدرُ
فإن عشتُ فالطعنُ الذي يعرفونه
و تلك القنا و البيضُ و الضُمَّرُ الشُقرُ
و إن مُـتُّ فالإنسانُ لا بـد مـيّـتٌ
و إن طالت الأيامُ و انفسحَ العمرُ
و نحن أُنــاسٌ لا توســـّط عــندنــا,
لنا الصّدر دون العالمين أو القبرُ
تَهونُ علينا فِي المـعالي نفوســنـا
و من خَطَبَ الحسناءَ لم يُغلها المهرُ
أعزُّ بني الدُّنيا و أعلى ذوي العُلا
و أَكرمُ مَن فوقَ التّرابِ و لا فَخرُ
أبو فراس الحمداني(الحارث بن سعيد الحمداني).