قصة الصحابي سعد بن أبي وقاس رضي الله عنه مع أمه
قصة الصحابي سعد بن أبي وقاس رضي الله عنه مع أمه
بسم الله الرحمن الرحيم
كان سعد بن ابي وقاس مِن السابِقِين بِإعتِناق الدِين الإسلامِي و هُوَ أيضاً مِن المُبشَّرِين بِالجنَّة. أشتهر بِكرمِه و بِبِرِّهِ بِالوالِدتِهِ “حمنة بِنت سُفيان بِن أُميَّن”.
عِندما دخل الإسلام علِمت والِدتهُ بِذلِك الأمر، فراحت تُخاطِبهُ قائِلةً لهُ “يا سعد لقد سمِعتُ أنَّكَ دخلتَ دِين مُحمَّد الجدِيد. ردَّ سعد قائِلاً نعم فعِلتُ يا أُمَّاه” ثُمَّ واصلتْ أُمَّهُ حدِيثها و لقد سمِعتُ بِأنَّ مُحمَّدً يأمُركُم بِأن تكُونُوا طائِعِين لِأُمَّهاتِكم. فرَدَّ سعد نعم يا أُمَّاهـ. فأجابت إذَاً أنا أُمُّك و آمُركَ بِأن تكفُر بِدِين مُحمَّد وإلَّا غضِتُ عليكَ حتى أُفارِق حياتي. فرَدَّ مُستنكِراً يا أُمَّاه و الله لا يكُون ذِلك. و لِمعرِفتِها حُب إبنها لها و بِرِّهِه بِها و إحسانِهِ لها أحتالت عليهِ لِينزُلَ عِندَ رغبتِها.
روى مُصعب إبن سعد بِن أبِي وقَّاس حلفت حمنة أم سعد أن لا تُكلِّم إبنها سعد و أن لا تأكُل و لا تشرَب حتى يكفُر سعد بِاللهِ و يخرُج مِن الإسلام، و قالت زعمتَ أن الله أوصاكَ بِوالِديكَ فأنا أُمَّكَ و أنا آمُركَ بِهذا و لن آكُلَ الطعام و لا أشرب الماء حتى ترجَع عن دِينِك، و إذا مِتُّ فسوفَ يُعيِّرُونكَ عن والِدتِك طُول الدهرَ. تألَّمَ سعدٌ لِأُمِّهِ كثِيراً و عِصيانِهِ لها و كاد قلبهُ ينفطِرَ حُزناً عليها لكِنَّهُ ثبت على إيمانِهِ و أبىَ رغم عظِيم ما أُبتُلِيَ بِهِ أن يستسلِم و يرتدَ عن دِينهِ. فإذا دعتهُ و كرَّرت عليهِ طلبها أجابها سعد ثابِتاً يا أُمِّي كُلِي أو لا تأكُلِي لو أنَّ لكِ مائة نفس فخرجتَ واحِدةً بعد الأُخرى لن أكفُرَ لن أكفُرَ بِهذا الدِين الذِي جاء بِهِ مُحمَّد صلى الله عليه و سلم. مكثت الأُم على هذِهِ الحال حتى خارت قُواها فقام إبنها عمارة فسقاها فجعلت تدعُو على سعد و هِيَ تحتضِر. أخذهُ بعض أهلهِ إليها لِيلقِي عليها النظرة الأخِيرة آمِلِين فيغأن يرِقَّ قلبه عليها فيرتد عن دِينه. بكى سعد عن حال أُمِّهِ حتى ظنَّ حولهُ أنه سوف يمتثِل لِطلبِها و يكفُر بِدِينهِ. إلَّا أن سعد أبَىَ و ثبتَ على الإسلام . ودَّع سعد أُمَّهُ حزِيناً مكسُور الفُؤاد و ما لبثت أن لفظت أنفاسها. رجِع سعد إلى بيت الأرقم بن الأرقم و جلَس مُطرقاً فِي حضرة النبِي مُحمَّد فخاطبهُ النبِي صلى الله عليه و سلَّم مُترفّقاً “ماذا فعلت مع أمك يا سعد؟ لقد أنزلَ الله فِيكَ قُرآناً يُتلى إلى يوم القِيامة {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} سُورة لقمان الآية 15.
هوَّن الله تعالى بِآياتِهِ على سعدٍ مُصابهُ بعد أن أجتاز إبتلاءً عظِيماً فهُوَ ما أثِمَ إذا ما عصى أُمَّهُ فطاعتها واجِبة إلَّا فِي معصِيةِ الله و الشِرك بِهِ سُبحانهُ.