بعث أُسامة بن زيد بواسطة أبو بكر الصديق
بعث أُسامة بن زيد بواسطة أمير المؤمنين أبو بكر الصديق
من هو اسامة ؟؟
هو اسامة بن زيد بن حارثة ، أبوه زيد بن حارثة الذي تبناه النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يُحرم التبني
و كان ينادى بزيد بن محمد [[ ذكرنا قصته في السيرة ]]
أسامة، استشهد ابوه زيد فِي غزوة مؤتة مع جعفر بن ابي طالب و عبدالله بن رواحة.
و بعد غزوة مؤتة بثلاث سنوات تقريباً ، جهز النبي صلى الله عليه و سلم جيشاً لغزو الروم.
و كان بهذا الجيش كبار الصحابة مثل ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب و جعل النبي صلى الله عليه و سلم قائد الجيش
{{ اسامة بن زيد }} الذي كان عمره فِي ذلك الوقت على اغلب الروايات {{ ١٧ }} عام.
و كان النبي صلى الله عليه و سلم فِي مرضه الذي توفاه الله فيه، يقول و يكرر :_ أنفذوا بعث اسامة.
و توقف الجيش على اطراف المدينة ، عند وفاة النبي صلى الله عليه و سلم.
_________________________
تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة ، و كان أول عمل قام به أنفاذ بعث اسامة الى الروم فِي جنوب الأردن
و ارض الداروم فِي فلسطين [[ تسمى اليوم دير البلح ]] قريبة مِن غزة.
و كان قرار ابو بكر الصديق رضي الله عنه بأنفاذ بعث اسامة فِي هذا الوقت
فيه مخاطر كبيرة على المدينة المنورة ، كما ظن الصحابة
لأن العرب بعد سماعهم بوفاة النبي صلى الله عليه و سلم
أرتدوا. فمنهم من تبع مسيلمة الكذاب الذي أدَّعى النُبُوَّة
و منهم مَن تمردوا على تأدية فريضة الزكاة
و كثيراً مِن قبائل العرب قد اظهرت نفاقها ، و أعلنت عودتها للجاهلية
و لم يَسلم مِن ذلك إلا
١_ مكة المكرمة
٢ _ المدينة المنورة
٣_ الطائف
إذن الآن المدينة المنورة فِي خطر كبير يحيط بها مِن كل جانب
فماذا فعل ابو بكر الصديق رضي الله عنه ؟؟
عندما بويع للخلافة رضي الله عنه ، و كان قد مضى ثلاث ايام على وفاة النبي صلى الله عليه و سلم
أصدر ابو بكر قرار أن يتحرك الجيش إلى الجهة التي أمرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و هُوَ على فراش الموت.
[[ المدينة كما قلنا الآن فِي خطر كبير ، و إذا خرج جيش أُسامة لن يبقى فِي المدينة جيش يُدافع عنها فجميع كبار الصحابة و المقاتلين فِي هذا الجيش ]]
أحس الصحابة بعد قرار ابو بكر الصديق رضي الله عنه بخطر كبير على المدينة خاصة بعد انتشار الردة و النفاق بين القبائل العربية.
فقال اسامة قائد الجيش لعمر بن الخطاب :_ إرجع إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم
فإستأذنه يأذن لي ان أرجع بالناس فإن معي وجوه الناس
و لا أمن على خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
[[ أسامة يطلب مِن عمر ان يستأذن مِن أبو بكر أن يرجعوا للمدينة لحمايتها و يكون الجيش معه لمحاربة هؤلاء المنافقين المرتدين لأن معه كبار المقاتلين مِن الصحابة ]]
فلما سمع الانصار قول اسامة قالوا لعمر :_ إن أبىَ الخليفة أن يرجع الجيش ، فأبلغه عنا [[ أي اوصل للخليفة رسالة منا نحن الانصار ]]
أن يولي أمرنا رجلاً أقدم سناً مِن اسامة.
[[ بمعنى إذا رفض الخليفة الطلب الأول بأن يرجع الجيش ، فأطلب منه يا عمر على الأقل ان يغير قائد الجيش اسامة لأنه صغير السن عمره {{ ١٧ }} سنة.
و ما كان أحد يتجرأ مِن الصحابة أن يكلم ابا بكر بهذا الموضوع لذلك طلبوا مِن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان يكلم ابا بكر الصديق رضي الله عنه ]]
انطلق عمر الى الخليفة ابو بكر و نقل له رسالة اسامة
فقال له ابو بكر :_ والله لو خطفتني الكلاب و الذئاب لا أرد قضاءً قضى به رسول الله صلى الله عليه و سلم.
[[ النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول قبل موته انفذوا بعث أسامة. و الصِدِّيق رضي الله عنه متمسك بأمر رسول الله. رغم كل الظروف حوله و المخاطر فلن يعصِي أمر رسول الله]]
الآن عمر رضي الله عنه بعد ان نقل له رسالة اسامة ، و رفضها أبو بكر الصديق ، أراد عمر أن ينقل له الرسالة الثانية من الأنصار.
فقال عمر بن الخطاب :- يا خليفة رسول الله ، أما بعث اسامة فهو حق
و لكن هل تغير الإمارة مِن اسامة الى رجل أكبر مِنهُ بالعمر تسير تحت رايته شيوخ المهاجرين و الانصار.
يقول الصحابة و كان ابو بكر جالساً ، فلما سمع قول عمر وثب قائماً مغضباً ، و أخذ بلحية عمر
و صاح بوجه :- ثكلتك أمك و عدمتك يا إبن الخطاب
أ تعرض علي أن ارفض إمارة ولاه أياها رسول الله ؟ !!!
لا و الله ، لا أحل لواء اعطاه أياه رسول الله ، و لا إمارة اعطاه أياها رسول الله.
فخرج عمر بن الخطارب رضي الله عنه راجعاً للجيش
فقالوا له :- ما صنعت يا ابن الخطاب ؟؟
فقال لهم عمر :_ ثكلتكم أمهاتكم ، ما لقيت فِي سببكم مِن خليفة رسول الله.
هذا الموقف يصور لنا إيمان ابي بكر الصديق رضي الله عنه
و إتباعه هدي النبي صلى الله عليه و سلم بكل خطوة.
فالصديق رضي الله عنه نال مِن بين الصحابة جميعاً درجة الصديقية منزلة رفيعة و لكن دون بوابة النبوة.
لذلك يتلخص موقف ابي بكر الصديق رضي الله عنه فِي ميراث النبي صلى الله عليه و سلم الذي ذكرته لكم مِن قبل
حين طالبته السيدة فاطمة رضي الله عنها ابنة الرسول بميراثها عن أبيها
فقال رضي الله عنه
{{ إني و الله ما أدع أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته }}
ثم خرج ابو بكر الصديق رضي الله عنه يودع جيش اسامة
و هو يقول :_امضي اسامة على بركة الله
فقام اسامة رضي الله عنه و اخذ اللواء ، و قام معه الجند و كان {{ عمر بن الخطاب }} مِن الجُند فِي هذه الغزوة.
و ركب اسامة الراحلة و خرج ابو بكر يمشي على قدميه بجانبه
و اسامة راكب
يقول اسامة :- يا خليفة رسول الله ، إما أن انزل و إما أن تركب
فقال له ابو بكر :- لا و الله ما انا براكب ، و لا انت بنازل
كان يجب علي ان اكون فِي هذا الجيش ، و أن اكون تحت لوائك ايام و شهور الى بلاد الروم
ألا اغبر اليوم قدماي ساعة فِي سبيل الله ؟؟
[[ هل رأيتم إخلاق الصديق رضي الله عنه ؟؟ ]]
ثم قال ابو بكر لأسامة :- يا اسامة هل تدع لي عمر
و الأمر يرجع لك
لأني قد احتاج إليه ، و ذلِك شأنك
فقال اسامة :_ أجل يا خليفة رسول الله ، خذ مِن شئت و اترك ما شئت
فقال ابو بكر :- لا أحتاج إلا عمر فقط
[[ فأذن لعمر ان لا يخرج فِي الغزوة و رجع مع الصديق إلى المدينة و أنطلق الجيش على بركة الله ]]
و كان عمر بن الخطاب كلما رأى اسامة بعد ذلك ، حتى عندما اصبح عمر خليفة بعد ابو بكر
يقول له :- السلام عليك أيها الأمير
خرج الجيش و بعد ايام جاءتهم الاخبار التي تفرح القلوب.
خبر انتصار اسامة و المسلمين في مؤته ، و قد أبلى اسامة بلاءً حسناً بقيادة هذا الجيش.
و كانت بعض القبائل التي أرتدت عن الاسلام
تقول :- مات نبيهم و لم يعد لديهم قوة
فلما رأى العرب خروج هذا الجيش بعد وفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم بثلاث أيام فقط
تراجعوا و قالوا :- مازال أصحاب محمد بقوتهم و هيبتهم
فأنتشر الخوف بين القبائل مِن هؤلاء الرجال بقيادة أبو بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعِين.
هذا هو ابو بكر الصديق رضي الله عنه الذي أمسك بزمام الأمور .. فجزاهُ الله عنَّا كُلِّ خير
ماذا حدث فِي المدينة المنورة ، بعد خروج أسامة بن زيد ؟؟
ماذا فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بمن حاول غزو المدينة عند فراغها مِن الجند ؟؟
هذا ما سنعرِفهُ فِي الجُزء التالِي