النبي صالح و قوم ثمود
قصص الأنبياء
قصة النبي # صالح عليه السلام و قومه ( ثمود )
ثمود قوم نبي الله صالح عليه السلام :
أرسل الله -عز و جلّ- نبي الله صالح -عليه السلام- إلى قومه ثمود، و نبي الله صالح -عليه السلام- هو صالح بن عبيد بن أسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود، و سُمّيت ثمود بذلك لقلّة مائها، و ثمود قبيلةٌ مشهورةٌ، و جِدهم هو: ثمود أخو جديس، و هما ابنا عاثر ابن إرم بن سام بن نوح، و قد عاش صالح -عليه السلام- مئتين و ثمانين سنة كما ذكر بعض العلماء فِي كتبهم.
و ثمود قبيلةٌ عربيةٌ كانت تسكن الحِجر الذي يقع بين الحجاز و تبوك، أو الشام، و أرسل الله -تعالى- إليهم نبي الله صالح
قال -تعالى-: (وَ إِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا)
و كانوا يتّخذون فِي السّهل القصور، و ينحتون فِي الجبال البيوت، فهم أصحاب نعمةٍ و حضارة عمرانية.
و تكررت قصة عذابهم في القرآن الكريم بتفاصيل مرعبة و كثيرة، و قد كان قوم ثمود يعبدون الأصنام، فأرسل الله تعالى إليهم صالح -عليه السلام- ليهديهم إلى عبادة الله تعالى وحده ، حيث يقول الله تعالى:
{ وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَد جَاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرضِ اللَّهِ ۖ وَ لَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” }
كان قوم صالح -عليه السلام- مجتمعين يوماً فِي ناديهم ، فجاء إليهم كي يدعوهم إلى الله تعالى و يحذرهم مِن عذابه و يعظهم ، فقالوا له : إن أنت أخرجت لنا مِن هذه الصخرة، و أشاروا إلى صخرة هناك ناقة مِن صفتها كذا و كذا ، و ذكروا أوصافاً سموها ، و نعتوها ، و تعنتوا فيها، و أن تكون عشراء طويلة، مِن صفتها كذا ؟
فأجابهم صالح -عليه السلام :
أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذى طلبتم ، أتؤمنون بما جئتكم به ، و تصدقونى فيما أرسلت به ؟
قالوا : نعم
فقام النبي صالح -عليه السلام- و توجه إلى صلاته، و أخذ يدعو الله تعالى أن يجيب طلب قومه، و أن يُخرج لهم ناقة مِن الصخرة!!
فاستجاب الله تعالى له و أخرج مِن الصخرة ناقة عشراء ، عظيمة كما طلبوا تماماً ، و قال النبي صالح -عليه السلام- لقومه :
{ وَ يَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً }
حيث نسب الناقة لله تعالى مِن باب التشريف و التعظيم .
فلما رأوها ، آمن الكثير منهم ، لكن الكثير بقوا فِي كفرهم و عنادهم و ضلالهم ، و جحدوا و ظلموا و لم يتبعوا طريق الحق!
و جاء رجل منهم إسمه قدار بن سالف ، و عرضت إمرأة عليه بناتها الأربعة مقابل أن يعقر الناقة ، فذهب و انتدب شابين ليعقروها، و أنضم إليهما سبعة، فأصبحوا تسعة، الذين ورد ذكرهم فِي الآية الكريمة:
{ كَانَ فِى الْمَدِينَةِ تِسعَةُ رَهْطٍ يُفسِدُونَ فِى الْأَرضِ وَ لَا يُصلِحُونَ }
فعقروها و رموها بسهمٍ فخرّت ساقطة.
و ناقة صالح كما ورد فِي الآية هِيَ ناقة الله -تعالى-، و هذِهِ إضافة تخصيص و تعظيم، لأنه -تعالى- أوجدها بلا صلب و لا رحم، و كانت تأكل مِن أرض الله كيفما تشاء، و لكن قوم صالح خالفوا أمره و ذبحوها و عقروها، مع أنها آية و معجزةً و دليلاً على صدق نبيّهم صالح -عليه السلام .
انتهى الأمر و وعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام .
فقال تعالى واصفاً حالهم بعد عقر الناقة:
{ فَعَقَروها فَقالَ تَمَتَّعوا فِي دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ }
نهاية قوم ثمود :
إنّ في قصة ثمود آيةً و عِبرةً لِمن كان له قلبٌ سليم، إذ قال لهم الله -تعالى- لهم أن يتمتّعوا و ينتظروا ثلاثة أيام، فقال -تعالى- واصفاً حالهم بعد عقر الناقة: (فَعَقَروها فَقالَ تَمَتَّعوا فِي دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ)
مرت الثلاثة أيام على الكافرين مِن قوم صالح وهم يهزءون مِن العذاب و ينتظرون .
و فِي فجر اليوم الرابع انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة، انقضّت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شىء حيّ ، و ارتجفت الأرض رجفة جبارة فهلك فوقها كل شىء حيّ و قال الله سبحانه وتعالى :
{ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ }
هشيم المحتظر : أي العظام المحترقة
هي صرخة واحدة لم يكد أولها يبدأ و آخرها يجيء حتى كان كُفار قوم صالح قد صعقوا جميعاً صعقة واحدة قبل أن يدركوا ما حدث.
أهلكهم الله و قرَن إسمهم فِي آيات القرآن الكريم بإسم عاد
لأن مصيرهما كان العذاب الشديد .
#درر_النابلسي